الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)
.الخبر عن خروج الزاب عن طاعة الأمير أبي حفص الى طاعة الأمير أبي زكريا وانتظام بسكرة في جماعته. كان السلطان أبو إسحق قد عقد على الزاب لفضل بن علي بن مزني من مشيخة بسكرة كما قدمناه فقام بأمره ولما هلك السلطان عدا عليه بعض أفاريق العرب الموطنين قرى الزاب بمداخلة قوم من أعدائه وقتلوه سنة ثلاث وثمانين وستمائة كما نذكره وأملوا الاستبداد بالبلد فدفعهم عنها المشيخة من بني زيان واستقلوا بأمر بلدهم وبايعوا للأمير أبي حفص صاحب الحضرة ودانوا بطاعته على السنن وتوقعوا عادية منصور بن فضل بن مزني وكان لحق بالحضرة عند مهلك أبيه فخاطبوا فيه السلطان أبا حفص ورموه بالدواهي فأمر باعتقاله وأودع السجن سبع سنين إلى أن فر منه ولحق بكرفة من أحياء هلال بن عامر وهم العرب المتولون أمر جبل أوراس ونزل على الشبه بأفاريقهم فأركبوه وكسبوه ولحق ببجاية سنة اثنتين وتسعين وستمائة فنزل بباب السلطان ورغبه في ملك الزاب وصانع الحاجب ابن أبي حي بأنواع التحف وضمن له تحويل الدعوة بالزاب للسلطان الأمير أبو زكريا وتسريب جبايته إليه فاستماله بذلك وعقد له على الزاب وأمده بالعسكر ونازل بسكرة فامتنعت عليه ورأى مشيختها بنو رمان بعدهم عن صريخ تونس وإلحاح عدوهم منصور بن فضل عليهم فأعلنوا بطاعة الأمير أبي زكريا وبعثوا إليه ببيعتهم ووفدهم ودفع عادية بن مزني عنهم فأرجعهم بما أملوه من القبول وأن تكون أحكامهم إلى قائد عسكره ونظر ابن مزني مصروفا إلى بجاية ولما وصل الوفد إلى بسكرة خرجوا إلى القائد ومنصور بن مزني فأدخلوه البلد ودانوا بالطاعة وتصرفت الأمر على ذلك إلى أن كان من أمر منصور بن مزني ما نذكره في أخباره ولم يزل الزاب في دعوة الأمير أبي زكريا وبنيه إلى أن استولى على الحضرة بعده بنوة لهذا العهد كما تراه في الأخبار بعد إن شاء الله تعالى..الخبر عن مهلك عبد الله الفازازي شيخ الموحدين والحاجب أبي القاسم بن الشيخ رؤساء الدولة. كان أبو عبد الله الفازازي من مشيخة الموحدين وكان خالصة للسلطان أبي حفص وعقد له على العساكر كما قدمناه ودفعه إلى الحروب وتمهيد النواحي فقام في ذلك المقام المحمود ودوخ الجهات واستنزل الثوار ودفعهم وجبى الخراج وكانت له في ذلك آثار مذكورة وفي بلاد الجريد ومشيختها تصاريف وأحوال وهو الذي امتحن أحمد بن بهلول بسعاية المشيخة من أهل توزر وكبح عنانه من مراميه إلى الرياسة عليهم وهلك آخر حركاته إلى بلاد الجريد على مرحلتين من تونس سنة ثلاث وتسعين وستمائة ولسنة منها كان مهلك الحاجب أبي القاسم بن الشيخ وكان من خبر أوليته أنه قدم من بلده دانية إلى بجاية سنة ست وعشرين وستمائة واتصل بعاملها محمد بن ياسين فاستكتبه وغلب عليه.واستدعى ابن ياسين إلى الحضرة وابن الشيخ في جملته والتمس السلطان من يرشحه لكتابته ويخف عليه فأطنب ابن ياسين في وصف كاتبه أبي القاسم بن الشيخ وحلاه وابتلاه السلطان فلم يرضه وصرفه ثم راجع رأيه فيه واستحسنه ورسمه في خدمته وأمر ابن أبي الحسين بتلقينه الآداب وتصريفه في وجوه الخدمة ومذاهبها فكان له في ذلك غناء وخفة على مخدومه إلى أن هلك ابن أبي الحسين وكان الخراج بدار السلطان موقوفا على نظره من جملة ما إليه وكان قلمه عاملا فيه فأفرد ابن الشيخ بذلك بعد مهلكه إلى آخر أيام السلطان المنتصر ولما ولي السلطان الواثق استبد ابن أبي الحسين عليه كما قلناه فأبقاه على خطته واختصه لنفسه ودرجه في جملته ثم جاءت دولة السلطان أبي إسحق فأقامه في رسمه وزاحمه بأبي بكر بن خلدون صاحب أشغاله.وكانت الرياسة الكبرى على عهده لبنيه أبي فارس ثم أبي زكريا عبد المؤمن من بعده ثم كانت قضية الدعي فاستولى على ملكهم فاستخلص أبا القاسم بن الشيخ واستضاف له إلى خطة التنفيذ كتاب العلامة في فواتح السجلات فلما ارتجع للسلطان أبي حفص ملكه وقتل الدعي خافه ابن الشيخ لما كان من رتبته عند الدعي فلاذ بالصلحاء لإثارة من الخير والعبادة وصلت بينهم وبينه فشفعوا له وتقبلها السلطان وأظهر لهم ذات نفسه في الحاجة إلى استعماله وقلده حجابته مجموعة الى تنفيذ كتاب العلامة في فواتح السجلات فلما ارتجع السلطان أبو حفص ملكه وقتل الخارج وصرف العلامة إلى غيره من طبقة الدولة فلم يزل ذلك إلى أن هلك سنة أربع وتسعين وستمائة وبقي اسم الحجابة من بعده في هذه الخطط الثلاث وأمر التدبير والحرب ورياستهما راجع إلى مشيخة الموحدين إلى أن تصرفت الأحوال وأديل بعضها من بعض كما يأتيك أثناء الأخبار وقلد السلطان من بعد ابن الشيخ حجابته لأبي عبد الله المحبي من طبقة الجند فقام بها إلى آخر الدولة والله وارث الأرض ومن عليها.
|